قصه حقيقه في العراق
لم يخطر ببالها ان تلك الرسائل الوقحة التي بدأت تصلها في منتصف الليل من رقم مجهول ستكون سبباً في تهديم حياتها بعد زواج استمر اكثر من 15 عاماً، فقد تصورت ان الأمر سلوك صبياني سينتهي بمجرد ان تهمله كما نصحتها صديقتها،
وعمدت وكأجراء احترازي الى غلق الجهاز ليلاً، لكن حظها العاثر أوقعها فيما تخشاه، عندما صحا زوجها في تلك الليلة المشؤومة ليشرب الماء، وبما ان الكهرباء كانت غائبة (كالعادة) فقد عمد الى فتح (موبايل زوجته) النائمة ليستخدم ضياءه وكانت صدمته الكبرى ان يعلن الجهاز عن ورود رسالة قصيرة ما ان قرأها حتى اشتط غضباً وثار وزمجر وتطاير الشرر من عينيه، وأسرع يوقظ زوجته وهو يقول خائنة ...مستهترة انت طالق.
ولم توفق كل الجهود التي بذلها المقربون والباحثة الاجتماعية في محكمة دار العدالة في/ البياع لإصلاح ذات البين وحصل الطلاق وتم تحميل الزوج تكاليف نفقة الزوجة المنكوبة وطفليها.
دعاوى بالجملة!!
مابين (10 -15) دعوى تقام في اليوم الواحد، تتولى البت فيها محكمة تحقيقية واحدة في بغداد، وهذا يعني ان هناك (450) دعوى قضائية شهرياً، ناهيك عن ما يرد الى المحاكم القضائية الأخرى في عموم بغداد والتي لم نستطع إحصاءها لصعوبة الأمر، وسبب تلك الدعاوي واحد هو تحرشات الهاتف النقال ورسائل التهديد والخطف وطلب الفدية وغيرها من الممارسات السلبية التي ابتلي بها هذا الجهاز منذ دخوله العراق لاول مرة بعد التاسع من نيسان عام 2003 ليغدو، وعلى الرغم من فوائده الكثيرة، مصدراً للمشاكل وأداة مهمة في تنفيذ الجرائم بعد ان ظن مخترعه انه سيكون مهيأ لتسهيل حياة الناس والتواصل بينهم.. قصص كثيرة، مؤلمة حيناً ومضحكة حيناً آخر سمعناها ونحن نعد لانجاز هذا التحقيق، بطلها الهاتف النقال، سنورد بعضها و نتعر ف على دور القضاء العراقي في البت فيها ومدى تدخل شركات الهواتف النقالة ذاتها في الحد منها والتعرف على شخصية المتصل وتقديمه للقضاء لمحاسبته.
(مسجات) بكلمات بذيئة من مجهول!!
كان مفتاح الموضوع هو قصة المحامية التي رفعت دعوى قضائية لدى محكمة تحقيق البياع ضد صاحب موبايل مجهول الهوية تعمد مضايقتها باتصالات في وقت متأخر تبعها إرسال رسائل نصية تخدش الحياء وبكلمات نابية، واستمرار تلك الرسائل لفترة طويلة حتى اضطرت المحامية (شذى.أ) الى تقديم الشكوى وتولي مهمة متابعتها في أروقة القضاء وشركة اسيا سيل للاتصالات، تقول شذى: لا اعرف هوية صاحب الرقم المعتدي وسبق ان نبهته بالكف عن أفعاله المخجلة التي لا تصدر الا من إنسان مريض نفسياً، لكنه كان يستهزئ بكلامي ولا يتوانى عن توجيه أية كلمات تخطر بباله بقصد تشويه سمعتي وإحراجي وسط عائلتي، فعمدت الى إقامة الشكوى ضد صاحب الرقم ثم وجهت المحكمة التحقيقية كتاباً الى شركة آسيا سيل لإعطاء تفاصيل عن الرقم وتحديد عائديته، وفي حالة عدم التمكن من تحديد عائدية الرقم المشكو منه تصدر المحكمة كتاباً ثانياً الى الشركة يطلب تحديد قائمة بأسماء وأرقام المكالمات الصادرة والواردة في سجل المكالمات ولفترة زمنية محددة ومحاولة الاتصال بأحد تلك الأرقام لتحديد هوية المشكو منه، وغالبا ً ما تأخذ هكذا نوع من القضايا فترة زمنية للوصول الى شخصية المشكو منه، وتختلف العقوبة اذا ما تم التعرف على الجاني بالسجن والغرامة بتهمة القذف والتشهير وإغلاق الخط نهائياً والتعهد بعدم تكرار الفعل.
الصحفية (س .ع) قالت: كنت في مجلس عزاء، وجاءتني مكالمة من رقم لم أتعرف عليه قبلا، وعندما أجبت جاءني صوت شاب يبدو انه صغير في العمر وراح يقول لي انه يتمنى ان يتعرف علي وان أصبح صديقته بإلحاح كبير!! تصوري الموقف.. تقول محدثتي.. لا استطيع ان أرده بعنف وانا في هذا الموقف بين الناس ولا استطيع غلق الهاتف أيضاً لاني كنت بانتظار مكالمة مهمة، المهم اني صددته لأكثر من مرة، لكنه عاد ليتصل ليلا فقلت لولدي ان يرد عليه وبعد إلقاء السلام، سأله ولدي بالقول: لماذا تتصل في هذا الوقت انت ما عندك غيرة ؟فرد عليه الشاب بصوت متميع: (وانته شعليك عندي ما عندي؟) فعنفه ولدي بقوة وهو يقول له انها أمي يا حمار.
أحداهن حاولت ملاطفة صديقتها فقامت بإرسال مسج لأهلها يقول ان ابنتهم مخطوفة وعليهم دفع دفتر من الأوراق الخضراء لاستعادتها، وبعد رحلة قلق واتصالات مكثفة بالهاتف النقال أيضاً، اتضح بطلان القضية وحصلت تلك الصديقة المعاكسة لتأنيب وتقريع بالغين!
وحتى لا نتهم بالتحيز لبنات جنسنا نقول ان معاكسات الهاتف النقال قد تصدر من نساء ومراهقات توجه لرجال بقصد التعارف حيناً او الإزعاج وأحداث المشاكل حيناً آخر.
وقد اخبرنا أبو رنا (موظف إداري) عن قصة المسجات التي كانت تأتيه من رقم مجهول تدعوه فيها صاحبتها الى الخروج برفقته والتعرف عليه بقصد الصداقة والإعجاب وبنفس الوقت تستقبل زوجته مسجات تخبرها عن خيانة زوجها ومحاولته الخروج مع أحداهن في التاريخ والوقت الفلاني! وبالطبع ان الرسائل كانت تأتي من جهة واحدة بقصد الإساءة للحياة الزوجية وإثارة المشاكل.
الغشيم
والقصة الأطرف هي لذلك المحتال الغشيم كما اسماه قاضي اول محكمة تحقيق البياع عندما طلب من احدهم مبلغ 7 الاف دولار ثمناُ لإخباره عن مكان ولده المعتقل في احد سجون الاحتلال، ولان والد الصبي المعتقل لم يتمكن من الاستدلال على مكان ولده رغم اعتقاله في محافظة النجف قبل أشهر، فقد وافق على تسليمه المبلغ،مقابل الحصول على وعد لإخراج ولده بعد التوسط لأجل ذلك وقام بإعطائه رقم هاتفه الصريح لأجل متابعة الأمر واختفى بعدها، وما كان يدرك ان رقم هاتفه النقال هو من سيقدمه للقضاء بعد التحري عنه وعوقب بالسجن مدة ثلاث سنوات وفق المادة 456 من القانون العراقي، وهناك الام التي ادعت ان ابنتها مخطوفة وبعد اتصالات هاتفية اتضح ان الموضوع مجرد قضية ابتزاز لا اكثر من قبل الابنة بمعاونة والدتها لابتزاز والدها وهو الامر الذي كشفته سجلا ت الهاتف النقال التابع لهم.
تفعيل عمل هيئة الاتصالات
وقالت النائبة تيسير العلواني/ لجنة العمل والخدمات في مجلس النواب ان ظاهرة التحرش والإزعاج عبر الهاتف النقال شكلت مشكلة حقيقية فاقت الحدود في العراق بشكل خاص بسبب حداثة تداوله واستخدامه، وقلة وعي الناس بأهميته ودخوله جزءاً رئيسيا في ارتكاب الجرائم كالخطف والابتزاز والتفجيرات وغيرها، في الفترات الأمنية الصعبة التي عاشها البلد بعد الاحتلال.
وتقع مهمة مراقبة شركات الهواتف النقالة على عاتق هيئة الإعلام والاتصالات، لكننا نسعى للتدخل في عمل الهيئة فيما يخص إجراءاتهم للحد من مشاكل النقال، وبرأيي أجد ان من المعيب جداً ان تمنح لنا الحريات ونمارسها بما يشكل اعتداء على حريات الآخرين، واجد الوقت قد حان لتعزيز دور المؤسسات المعنية للحد من الاستخدام السيئ للهاتف النقال، سابقا كان الانشغال الأمني يقف على رأس الأولويات والآن يجب تفعيل عمل المؤسسات الخدمية لأجل صالح المواطن ونيله حقوقه.
شركات الهاتف النقال لا تصرح للصحفيين!
أكثر من محاولة فاشلة ولمدة طويلة قضيتها وانا أروم استطلاع جهة ما في شركات الهاتف النقال حول الأمر، لكن يبدو ان الحيطة من الصحافة قد أخذت معهم جانبا ً كبيراً،د. ديار من شركة آسيا سيل وعدنا بالإجابة أكثر من مرة لكن دون جدوى، وقابله المكتب الإعلامي لشركة زين والذي اخبرنا مديره انه ليس مخولا للتصريح للصحافة رغم انه مدير المكتب الإعلامي.. وعجبي! المهم سعينا الى الجانب الآخر للحصول على المعلومة بشيء من الالتفاف المتاح، بواسطة الاتصال ليلاً بمركز الخدمة لشركة زين (وهو الوقت الوحيد الذي يجاب فيه على اتصالات المواطنين لزحمة الاتصالات كما يقال) وقال لنا موظف الخدمة بعد ان أخبرناه اننا نواجه معاكسات هاتفية من احدهم: يجب تحرير بلاغ من اقرب مركز شرطة، وبدورها الشرطة تزودنا بكتاب رسمي نتسلمه عبر القسم القانوني لشركتنا في منطقة المنصور قرب المركز الثقافي للطفل،وبعدها تقوم الشركة بواجبها في الحد من المعاكسات ومعرفة المتجاوز.
الى هنا انتهى كلام موظف الخدمة مشكوراً، وكان بودنا معرفة عدد القضايا التي تصل تلك الشركات ومدى إسهام التشديد على طلب معلومات صاحب الموبايل في التقليل من الإزعاجات الهاتفية لكن..
السجن والغرامة وإغلاق الخط عقوبة المتحرش
يقول قاضي محكمة تحقيق البياع سعد عيدان جبر: بالرغم من الفوائد الكثيرة المتحققة اثر التطورات التكنولوجية الكبيرة في مجال الاتصالات الا انها أضفت عبئاً مضافاً على عملنا والمواطنين عموما ًبسبب استخدامها سلبا ً من قبل البعض لتسهيل جرائمهم وسلوكياتهم المريضة، وقد عالجها المشرع العراقي من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 من خلال بنود المواد 361 الى 363 وهي وان كانت مقتضبة الا انها عالجت بطريقة او بأخرى ما تسببه تلك الأجهزة من أضرار معنوية او مادية بالمواطن، وهناك نصوص عقابية أخرى، واستدرك القاضي ليقول: بعد عام 2003 وبعد دخول الهاتف النقال الى العراق وتردي الوضع الأمني استخدم الهاتف النقال لارتكاب جنايات القتل او الخطف او الابتزاز والتشهير بالسمعة قولا او فعلاً، والمحاكم القضائية تتولى البت في الأمر بعد ان يقدم المواطن طلبا الى المحكمة يحوي رقم الهاتف المشكو منه، وتقوم المحكمة بإحالته الى ضباط التحقيق وبعد تدوين أقوال صاحب الطلب بصفة مشتك اذا كان الضرر قد لحقه شخصياً او بصفة مخبر اذا كان عارفاً بموضوع الجريمة وقام بالأخبار عنها، تقوم المحكمة بعدها بطلب عائدية الهاتف من الشركة التي يعود اليها الهاتف النقال، وإمكانية تحديد موقع برج الاتصال الذي وردت منه المكالمات للمشكو منه،وكذلك تحديد المكالمات الصادرة والواردة خلال فترة الشكوى، للاستعلام عن هوية المشكو منه، فإذا كان هناك اتصالات بين الطرفين تستكمل المحكمة قناعتها بسماع شهادة الشهود على التحرش او التهديد او ما شابه وتأمر باستقدام الشخص المتصل الذي يمكن التعرف عليه من خلال بيانات خطه الموجودة لدى الشركة، وقد أسهمت الخطوة التي أقدمت عليها شركات الهواتف النقالة العاملة في العراق بالتأكيد على تسجيل بيانات الخطوط في التخفيف من مشاكل الهاتف والتعرف السريع على الجاني، اما بالنسبة الى جرائم القتل والخطف فتعمد المحكمة الى اصدرا مذكرة قبض بحق المتهم المشكو منه ولا تكتفي باستقدامه حفاظاً على حياة المخطوف، وعموما فأن القضاء حدد غرامات مالية للمسيئين والسجن او كليهما والتعهد بعدم تكرار الفعل.
واستدرك محدثي ليقول: حتى عام 2008 كانت النسبة مرتفعة في هكذا نوع من الدعاوى، الا انها قلت كثيراً بسبب تحسن الوضع الأمني وكذلك الإجراءات المتخذة من قبل الشركات النقالة بالتأكيد على توفير بيانات جميع الهواتف، وغدت لا تزيد عن عشر قضايا في الشهر، ولا يخلو بعضها من الدعاوي الكيدية،مثلا موضوع اختفاء أشخاص او أطفال، فيعمد من يكون لديه العلم المسبق بالخطف ان يبتز ذوي المخطوف لإخبارهم عن مكانه وغيرها، ونعمد في الوقت الراهن على تعزيز دور الهاتف النقال في الاخبار والتصدي للجرائم باعتباره جهازاً مسانداً لعملنا عبر السرعة في تحديد مكان المجرم من خلا ل أبراج الاتصالات.
شركة زين
ولابد ان نسجل هنا تعاون شركات الاتصالات معنا في التعرف على الجاني والمسيء عبر تهيئة المعلومات الكاملة وخصوصاً شركة زين العراق.وبخصوص التهديد والمعاكسات عبر الرسائل النصية، فتكون أسهل عند البت في الدعاوى، لان دليل الإدانة موجود وواضح، اما ما يخص حالة المعاكسات الهاتفية فتندرج تحت بند الخيانة الزوجية التي يكون الهاتف النقال إحدى وسائل الاستدلال عليها.
وأنا أدور في ختام الموضوع علمت إن نواب المجلس الوطني لإقليم كردستان العراق سبق ان عملوا على إصدار تشريع جديد لمعاقبة من يلحق الضرر أو يزعج غيره باستعمال الهاتف النقال والإنترنت، بعدما كثرت الشكاوى وتسبب المسيئون في مشكلات اجتماعية نجم عن بعضها اشتباكات وصلت حد القتل. وتنص المادة الأولى من القانون المؤلف من عشر مواد على إنزال عقوبة السجن لفترة تتراوح بين ستة أشهر وخمس سنوات أو بغرامة مالية تتراوح بين مليون وخمسة ملايين دينار عراقي على من يثبت استعماله أجهزة الاتصالات بأنواعها في التهديد أو السب أو نشر محادثات شخصية وأسرار خاصة وصور تخدش الحياء وتنافي الآداب العامة، أو قام بالتقاط صور لغيره بلا إذن بهدف التحريض على ارتكاب الجرائم أو أفعال الفسق.
أما المادة الثانية فتدعو لمعاقبة من يزعج غيره عامدا بإحدى عقوبتين: إما السجن لفترة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعام واحد أو تغريمه مبلغا يتراوح بين ثلاثة أرباع المليون وثلاثة ملايين دينار عراقي।
وعمدت وكأجراء احترازي الى غلق الجهاز ليلاً، لكن حظها العاثر أوقعها فيما تخشاه، عندما صحا زوجها في تلك الليلة المشؤومة ليشرب الماء، وبما ان الكهرباء كانت غائبة (كالعادة) فقد عمد الى فتح (موبايل زوجته) النائمة ليستخدم ضياءه وكانت صدمته الكبرى ان يعلن الجهاز عن ورود رسالة قصيرة ما ان قرأها حتى اشتط غضباً وثار وزمجر وتطاير الشرر من عينيه، وأسرع يوقظ زوجته وهو يقول خائنة ...مستهترة انت طالق.
ولم توفق كل الجهود التي بذلها المقربون والباحثة الاجتماعية في محكمة دار العدالة في/ البياع لإصلاح ذات البين وحصل الطلاق وتم تحميل الزوج تكاليف نفقة الزوجة المنكوبة وطفليها.
دعاوى بالجملة!!
مابين (10 -15) دعوى تقام في اليوم الواحد، تتولى البت فيها محكمة تحقيقية واحدة في بغداد، وهذا يعني ان هناك (450) دعوى قضائية شهرياً، ناهيك عن ما يرد الى المحاكم القضائية الأخرى في عموم بغداد والتي لم نستطع إحصاءها لصعوبة الأمر، وسبب تلك الدعاوي واحد هو تحرشات الهاتف النقال ورسائل التهديد والخطف وطلب الفدية وغيرها من الممارسات السلبية التي ابتلي بها هذا الجهاز منذ دخوله العراق لاول مرة بعد التاسع من نيسان عام 2003 ليغدو، وعلى الرغم من فوائده الكثيرة، مصدراً للمشاكل وأداة مهمة في تنفيذ الجرائم بعد ان ظن مخترعه انه سيكون مهيأ لتسهيل حياة الناس والتواصل بينهم.. قصص كثيرة، مؤلمة حيناً ومضحكة حيناً آخر سمعناها ونحن نعد لانجاز هذا التحقيق، بطلها الهاتف النقال، سنورد بعضها و نتعر ف على دور القضاء العراقي في البت فيها ومدى تدخل شركات الهواتف النقالة ذاتها في الحد منها والتعرف على شخصية المتصل وتقديمه للقضاء لمحاسبته.
(مسجات) بكلمات بذيئة من مجهول!!
كان مفتاح الموضوع هو قصة المحامية التي رفعت دعوى قضائية لدى محكمة تحقيق البياع ضد صاحب موبايل مجهول الهوية تعمد مضايقتها باتصالات في وقت متأخر تبعها إرسال رسائل نصية تخدش الحياء وبكلمات نابية، واستمرار تلك الرسائل لفترة طويلة حتى اضطرت المحامية (شذى.أ) الى تقديم الشكوى وتولي مهمة متابعتها في أروقة القضاء وشركة اسيا سيل للاتصالات، تقول شذى: لا اعرف هوية صاحب الرقم المعتدي وسبق ان نبهته بالكف عن أفعاله المخجلة التي لا تصدر الا من إنسان مريض نفسياً، لكنه كان يستهزئ بكلامي ولا يتوانى عن توجيه أية كلمات تخطر بباله بقصد تشويه سمعتي وإحراجي وسط عائلتي، فعمدت الى إقامة الشكوى ضد صاحب الرقم ثم وجهت المحكمة التحقيقية كتاباً الى شركة آسيا سيل لإعطاء تفاصيل عن الرقم وتحديد عائديته، وفي حالة عدم التمكن من تحديد عائدية الرقم المشكو منه تصدر المحكمة كتاباً ثانياً الى الشركة يطلب تحديد قائمة بأسماء وأرقام المكالمات الصادرة والواردة في سجل المكالمات ولفترة زمنية محددة ومحاولة الاتصال بأحد تلك الأرقام لتحديد هوية المشكو منه، وغالبا ً ما تأخذ هكذا نوع من القضايا فترة زمنية للوصول الى شخصية المشكو منه، وتختلف العقوبة اذا ما تم التعرف على الجاني بالسجن والغرامة بتهمة القذف والتشهير وإغلاق الخط نهائياً والتعهد بعدم تكرار الفعل.
الصحفية (س .ع) قالت: كنت في مجلس عزاء، وجاءتني مكالمة من رقم لم أتعرف عليه قبلا، وعندما أجبت جاءني صوت شاب يبدو انه صغير في العمر وراح يقول لي انه يتمنى ان يتعرف علي وان أصبح صديقته بإلحاح كبير!! تصوري الموقف.. تقول محدثتي.. لا استطيع ان أرده بعنف وانا في هذا الموقف بين الناس ولا استطيع غلق الهاتف أيضاً لاني كنت بانتظار مكالمة مهمة، المهم اني صددته لأكثر من مرة، لكنه عاد ليتصل ليلا فقلت لولدي ان يرد عليه وبعد إلقاء السلام، سأله ولدي بالقول: لماذا تتصل في هذا الوقت انت ما عندك غيرة ؟فرد عليه الشاب بصوت متميع: (وانته شعليك عندي ما عندي؟) فعنفه ولدي بقوة وهو يقول له انها أمي يا حمار.
أحداهن حاولت ملاطفة صديقتها فقامت بإرسال مسج لأهلها يقول ان ابنتهم مخطوفة وعليهم دفع دفتر من الأوراق الخضراء لاستعادتها، وبعد رحلة قلق واتصالات مكثفة بالهاتف النقال أيضاً، اتضح بطلان القضية وحصلت تلك الصديقة المعاكسة لتأنيب وتقريع بالغين!
وحتى لا نتهم بالتحيز لبنات جنسنا نقول ان معاكسات الهاتف النقال قد تصدر من نساء ومراهقات توجه لرجال بقصد التعارف حيناً او الإزعاج وأحداث المشاكل حيناً آخر.
وقد اخبرنا أبو رنا (موظف إداري) عن قصة المسجات التي كانت تأتيه من رقم مجهول تدعوه فيها صاحبتها الى الخروج برفقته والتعرف عليه بقصد الصداقة والإعجاب وبنفس الوقت تستقبل زوجته مسجات تخبرها عن خيانة زوجها ومحاولته الخروج مع أحداهن في التاريخ والوقت الفلاني! وبالطبع ان الرسائل كانت تأتي من جهة واحدة بقصد الإساءة للحياة الزوجية وإثارة المشاكل.
الغشيم
والقصة الأطرف هي لذلك المحتال الغشيم كما اسماه قاضي اول محكمة تحقيق البياع عندما طلب من احدهم مبلغ 7 الاف دولار ثمناُ لإخباره عن مكان ولده المعتقل في احد سجون الاحتلال، ولان والد الصبي المعتقل لم يتمكن من الاستدلال على مكان ولده رغم اعتقاله في محافظة النجف قبل أشهر، فقد وافق على تسليمه المبلغ،مقابل الحصول على وعد لإخراج ولده بعد التوسط لأجل ذلك وقام بإعطائه رقم هاتفه الصريح لأجل متابعة الأمر واختفى بعدها، وما كان يدرك ان رقم هاتفه النقال هو من سيقدمه للقضاء بعد التحري عنه وعوقب بالسجن مدة ثلاث سنوات وفق المادة 456 من القانون العراقي، وهناك الام التي ادعت ان ابنتها مخطوفة وبعد اتصالات هاتفية اتضح ان الموضوع مجرد قضية ابتزاز لا اكثر من قبل الابنة بمعاونة والدتها لابتزاز والدها وهو الامر الذي كشفته سجلا ت الهاتف النقال التابع لهم.
تفعيل عمل هيئة الاتصالات
وقالت النائبة تيسير العلواني/ لجنة العمل والخدمات في مجلس النواب ان ظاهرة التحرش والإزعاج عبر الهاتف النقال شكلت مشكلة حقيقية فاقت الحدود في العراق بشكل خاص بسبب حداثة تداوله واستخدامه، وقلة وعي الناس بأهميته ودخوله جزءاً رئيسيا في ارتكاب الجرائم كالخطف والابتزاز والتفجيرات وغيرها، في الفترات الأمنية الصعبة التي عاشها البلد بعد الاحتلال.
وتقع مهمة مراقبة شركات الهواتف النقالة على عاتق هيئة الإعلام والاتصالات، لكننا نسعى للتدخل في عمل الهيئة فيما يخص إجراءاتهم للحد من مشاكل النقال، وبرأيي أجد ان من المعيب جداً ان تمنح لنا الحريات ونمارسها بما يشكل اعتداء على حريات الآخرين، واجد الوقت قد حان لتعزيز دور المؤسسات المعنية للحد من الاستخدام السيئ للهاتف النقال، سابقا كان الانشغال الأمني يقف على رأس الأولويات والآن يجب تفعيل عمل المؤسسات الخدمية لأجل صالح المواطن ونيله حقوقه.
شركات الهاتف النقال لا تصرح للصحفيين!
أكثر من محاولة فاشلة ولمدة طويلة قضيتها وانا أروم استطلاع جهة ما في شركات الهاتف النقال حول الأمر، لكن يبدو ان الحيطة من الصحافة قد أخذت معهم جانبا ً كبيراً،د. ديار من شركة آسيا سيل وعدنا بالإجابة أكثر من مرة لكن دون جدوى، وقابله المكتب الإعلامي لشركة زين والذي اخبرنا مديره انه ليس مخولا للتصريح للصحافة رغم انه مدير المكتب الإعلامي.. وعجبي! المهم سعينا الى الجانب الآخر للحصول على المعلومة بشيء من الالتفاف المتاح، بواسطة الاتصال ليلاً بمركز الخدمة لشركة زين (وهو الوقت الوحيد الذي يجاب فيه على اتصالات المواطنين لزحمة الاتصالات كما يقال) وقال لنا موظف الخدمة بعد ان أخبرناه اننا نواجه معاكسات هاتفية من احدهم: يجب تحرير بلاغ من اقرب مركز شرطة، وبدورها الشرطة تزودنا بكتاب رسمي نتسلمه عبر القسم القانوني لشركتنا في منطقة المنصور قرب المركز الثقافي للطفل،وبعدها تقوم الشركة بواجبها في الحد من المعاكسات ومعرفة المتجاوز.
الى هنا انتهى كلام موظف الخدمة مشكوراً، وكان بودنا معرفة عدد القضايا التي تصل تلك الشركات ومدى إسهام التشديد على طلب معلومات صاحب الموبايل في التقليل من الإزعاجات الهاتفية لكن..
السجن والغرامة وإغلاق الخط عقوبة المتحرش
يقول قاضي محكمة تحقيق البياع سعد عيدان جبر: بالرغم من الفوائد الكثيرة المتحققة اثر التطورات التكنولوجية الكبيرة في مجال الاتصالات الا انها أضفت عبئاً مضافاً على عملنا والمواطنين عموما ًبسبب استخدامها سلبا ً من قبل البعض لتسهيل جرائمهم وسلوكياتهم المريضة، وقد عالجها المشرع العراقي من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 من خلال بنود المواد 361 الى 363 وهي وان كانت مقتضبة الا انها عالجت بطريقة او بأخرى ما تسببه تلك الأجهزة من أضرار معنوية او مادية بالمواطن، وهناك نصوص عقابية أخرى، واستدرك القاضي ليقول: بعد عام 2003 وبعد دخول الهاتف النقال الى العراق وتردي الوضع الأمني استخدم الهاتف النقال لارتكاب جنايات القتل او الخطف او الابتزاز والتشهير بالسمعة قولا او فعلاً، والمحاكم القضائية تتولى البت في الأمر بعد ان يقدم المواطن طلبا الى المحكمة يحوي رقم الهاتف المشكو منه، وتقوم المحكمة بإحالته الى ضباط التحقيق وبعد تدوين أقوال صاحب الطلب بصفة مشتك اذا كان الضرر قد لحقه شخصياً او بصفة مخبر اذا كان عارفاً بموضوع الجريمة وقام بالأخبار عنها، تقوم المحكمة بعدها بطلب عائدية الهاتف من الشركة التي يعود اليها الهاتف النقال، وإمكانية تحديد موقع برج الاتصال الذي وردت منه المكالمات للمشكو منه،وكذلك تحديد المكالمات الصادرة والواردة خلال فترة الشكوى، للاستعلام عن هوية المشكو منه، فإذا كان هناك اتصالات بين الطرفين تستكمل المحكمة قناعتها بسماع شهادة الشهود على التحرش او التهديد او ما شابه وتأمر باستقدام الشخص المتصل الذي يمكن التعرف عليه من خلال بيانات خطه الموجودة لدى الشركة، وقد أسهمت الخطوة التي أقدمت عليها شركات الهواتف النقالة العاملة في العراق بالتأكيد على تسجيل بيانات الخطوط في التخفيف من مشاكل الهاتف والتعرف السريع على الجاني، اما بالنسبة الى جرائم القتل والخطف فتعمد المحكمة الى اصدرا مذكرة قبض بحق المتهم المشكو منه ولا تكتفي باستقدامه حفاظاً على حياة المخطوف، وعموما فأن القضاء حدد غرامات مالية للمسيئين والسجن او كليهما والتعهد بعدم تكرار الفعل.
واستدرك محدثي ليقول: حتى عام 2008 كانت النسبة مرتفعة في هكذا نوع من الدعاوى، الا انها قلت كثيراً بسبب تحسن الوضع الأمني وكذلك الإجراءات المتخذة من قبل الشركات النقالة بالتأكيد على توفير بيانات جميع الهواتف، وغدت لا تزيد عن عشر قضايا في الشهر، ولا يخلو بعضها من الدعاوي الكيدية،مثلا موضوع اختفاء أشخاص او أطفال، فيعمد من يكون لديه العلم المسبق بالخطف ان يبتز ذوي المخطوف لإخبارهم عن مكانه وغيرها، ونعمد في الوقت الراهن على تعزيز دور الهاتف النقال في الاخبار والتصدي للجرائم باعتباره جهازاً مسانداً لعملنا عبر السرعة في تحديد مكان المجرم من خلا ل أبراج الاتصالات.
شركة زين
ولابد ان نسجل هنا تعاون شركات الاتصالات معنا في التعرف على الجاني والمسيء عبر تهيئة المعلومات الكاملة وخصوصاً شركة زين العراق.وبخصوص التهديد والمعاكسات عبر الرسائل النصية، فتكون أسهل عند البت في الدعاوى، لان دليل الإدانة موجود وواضح، اما ما يخص حالة المعاكسات الهاتفية فتندرج تحت بند الخيانة الزوجية التي يكون الهاتف النقال إحدى وسائل الاستدلال عليها.
وأنا أدور في ختام الموضوع علمت إن نواب المجلس الوطني لإقليم كردستان العراق سبق ان عملوا على إصدار تشريع جديد لمعاقبة من يلحق الضرر أو يزعج غيره باستعمال الهاتف النقال والإنترنت، بعدما كثرت الشكاوى وتسبب المسيئون في مشكلات اجتماعية نجم عن بعضها اشتباكات وصلت حد القتل. وتنص المادة الأولى من القانون المؤلف من عشر مواد على إنزال عقوبة السجن لفترة تتراوح بين ستة أشهر وخمس سنوات أو بغرامة مالية تتراوح بين مليون وخمسة ملايين دينار عراقي على من يثبت استعماله أجهزة الاتصالات بأنواعها في التهديد أو السب أو نشر محادثات شخصية وأسرار خاصة وصور تخدش الحياء وتنافي الآداب العامة، أو قام بالتقاط صور لغيره بلا إذن بهدف التحريض على ارتكاب الجرائم أو أفعال الفسق.
أما المادة الثانية فتدعو لمعاقبة من يزعج غيره عامدا بإحدى عقوبتين: إما السجن لفترة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعام واحد أو تغريمه مبلغا يتراوح بين ثلاثة أرباع المليون وثلاثة ملايين دينار عراقي।
ملاحظة الكاتب: اذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجاره
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق